علاقة الطفل الياباني بوالدته
يحرص الوالدين لسيما الأم على بناء علاقة وثيقة بأبنائهم ويجتهدن في قضاء جزء هام من اليوم في العناية بهم، ومن المثير للاهتمام أن الأم اليابانية لا تقوم بعزل طفلها من خلال حرمانه من النوم في غرفة مشتركة إلى بعد سن السادسة بما يعزز العلاقة والارتباط بين الطرفين، ومن أوليات الأم اليابانية أنها تكرس نفسها للعناية بهذا الطفل ونادرًا ما تتولى دور الحضانة أو الأجداد العناية بالأولاد الصغار فيما يبدأ الطفل في مزاولة الدراسة في سن الثلاث سنوات وأفضل ما في الأمر أن التعليم يرتكز على وحدة الأم والطفل تحت شعار “نحن لا نتعامل مع شخصين مستقلين بل نتعمامل مع روح مشتركة”.
نموذج تعليم الأطفال الياباني
ترتكز أسس التعليم لدى الأطفال اليابانيين على جملة من القيم الفلسفية المستوحاة من واحدة من أعظم المدارس الفلسفية: الكونفوشيوسية.
قيمة الاحسان هي القيمة الأساسية التي يتم تدريسها للأطفال اليابانيين والتي تستند إلى المثل الأعلى لهذا التيار الفلسفي وعبر ترسيخ مفهوم الخير كمفتاح أساسي لتطوير السلام الداخلي والسعادة، وعلى هذا الأساس يستمد التعليم خصائصه الرئيسية لتعليم الأطفال اليابانيين.
1. تقديم اقتراحات بدلاً عن التعنيف :
يدعو هذا المبدأ التعليمي الأم على محاولة الاقناع والحوار واحراج الطفل لتحفيزه على القيام ببعض الأمور ويحث على تقديم مقتراحات لتصحيح المواقف الخاطئة الصادرة من الطفل وينهى عن الدخول في مواجهات مباشرة بما يقلل احتمال حدوث أي مواقف استفزازية أو عدوانية من طرف الطفل.
مثال :
بدلاً من قول “اجمع ألعابك” ستقول الأم اليابانية “ماذا يجب أن تفعل بالألعاب؟ “. إذا لم يكن هذا كافيًا، ستلجأ إلى السخرية الخفية، حينها سيفضل الطفل أن يطيع والدته بدلا من أن يشعر بالخجل من نفسه.
2. لفت النظر بالايماءات :
أحد أسس التعليم التوجيهية للأم اليابانية أن لا تقوم هذه الأخيرة بمعاقبة أو توبيخ الطفل وأن تحاول ايصال كل شيء عبر الإيماءات. ويعتمد هذا الأساس على مبدأ أن العلاقة بين الأم والطفل قريبة جدا بحيث يكون قادرًا على التعرف على مشاعر والدته المختلفة من خلال تحليل أفعاله الذي سيسعى للحفاظ على مدى الانسجام بينه وبين والدته ويكون مطيعًا ليتجنب أي اختلال يفقده هذاالشعور بالتناغم.
3. الفهم الطفل :
تتعلم الأم يابانية قراءة تعابير طفلها وبالتالي إن شعرت أن طفلها بحالة مزاجية سيئة فعليها أن تمتنع عن تقديم أي مهام له، وأن تؤجل طلباتها حتى يعود إلى نشاطه المعتاد ويكون قادرا على الاستجابة للمهام المقدمة إليه. وبنفس الطريقة إذا رفض الطفل أداء مهمة فعلى الأم البحث عن الأسباب والمبررات لشرح سلوك الطفل وحاولة التعامل معها.
يبذل الآباء اليابانيون قصارى جهدهم لجعل أطفالهم يشعرون بأنهم محبوبون وقيمون ومحترمون. الصبر والطيبة والحنان هي القيم الأساسية التي تتفرع منها باقي القيم. ويمثل هذا التعليم تحديًا حقيقيًا لنا كآباء، فهل نحن على استعداد لوضع هذا النموذج التعليمي موضع التنفيذ ؟