0 تصويتات
95 مشاهدات

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (648k نقاط)
 
أفضل إجابة

1- عن بطوننا التي نؤذيها

لم أر عضوًا بأهمية البطن في أجسامنا يتعرض لكل هذا الإيذاء والإهمال والقسوة في تعاملنا معه، إن البطن هو ذلك المكان الذي يستقبل ويتعامل ويتحمّل كل سلوكياتنا الغذائية السيئة وتبعاتها، إنه المكان الذي يتحمل عواقب كل إحباطاتنا وقلقنا وتوترنا، وما يفرزه ذلك في أجسادنا من مواد كيميائية وخيمة التأثير، وهو نفس المكان الذي يتسبب أي ألم فيه بجعل حياتنا سلسلة من الإزعاج غير المحتمل، تذكّر آخر مرة أصبت فيها بإمساك أو إسهال أو تقلصات في بطنك. إنه المكان الذي تتجمع فيه الدهون حين يزداد وزنك، وحين تقرر خسارة وزنك، تجده آخر مكان تتحرك منه الدهون! إن تعاملنا مع بطوننا سطحي جدًا، وغاية في الإهمال، وعصبي جدًا أيضًا؛ خاصة عندما تبدأ الدهون في التراكم فوقها نتيجة إيذائنا المستمر لها، هذه العصبية لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدًا، لذا فإن هدفي الأول أن نصل معًا إلى حالة من «التصالح» مع بطوننا، حالة من العناية بها ورعايتها، لأن الهدوء في التعامل معها هو جوهر الحل.

البطن: الدماغ الثاني

يرى الصينيون أن البطن هي مركز الروح، ويرى المعالجون غير التقليديين أن البطن هي الدماغ الثاني، وأن ارتباطها بالدماغ الأول وثيق جدًا عبر شبكة من الأعصاب المحورية، كذلك يؤكد بعض الأطباء الأكاديميين أن البطن بالفعل هي الدماغ الثاني من حيث البنية والكيمياء العصبية وأنها تتصل مباشرة بدماغ الرأس وتكمله. يقول البروفيسور مايكل جرشون أخصائي علم التشريح: «على دماغ عقلنا ودماغ بطننا أن يعملا متعاونين، وإلا دبت الفوضى في البطن، وساد البؤس في الرأس». وأنا أرى أن إثبات هذا لا يحتاج إلى نزاع علمي، إن البطن هي المكان الذي نشعر فيه بنار الغضب، وألم الأحباط، إنه المكان الذي تولد فيه موجات التوتر التي تسري في أجسادنا حين تتملكنا مشاعر هادرة. نعم هناك دماغ آخر يتحمل تبعات كل ما نفكر فيه ونشعر به، يتحمل كل هذا الضغط العصبي الذي نحياه؛ إنه بطوننا.

معجزة البطن: حيث يتكون العالم!

ما زلت أذكر هذه اللحظة التي ركلتْ فيها ابنتي خديجة يدي وهي ما زالت في بطن أمها، ما زلت أذكر كيف شعرتُ بتلك الركلة الخفيفة وأنا أضع يدي على بطن زوجتي، وكيف اقشعرّ جلدي من هذه المعجزة التي تتكون في هذا المكان. إن البطن هي المكان الذي اختاره الله لتتكون فيه مخلوقاته، وبالتبعية يتكون فيه هذا العالم الذي نحياه. إن عضوًا بهذا الجلال والإعجاز ليستحق منا معاملة أكثر تقديرًا من التي نمارسها معه. مرة صرّحت لي إحدى القارئات أنها كرهت نفسها وأولادها بعد ترهل بطنها بسبب الولادة! لا أظن أني قد سمعت قولًا قاسيًا وخاليًا من المشاعر كهذا، نعم لا أحد يحب ترهل بطنه، لكن ربما كان هناك أحيانًا ما يجب أن تقلق عليه أكثر من مجرد ترهلٍ جلدي سطحي.

التصالح مع البطن

سيغلب على ظنك الآن أن كلامي مجرد محاولة للتفلسف، وسأحاول أن أقنعك بالعكس؛ عندما يبدأ الناس في تغيير عاداتهم المعيشية فإنهم يفعلون ذلك – غالبًا – وفي أذهانهم هدف واحد؛ رقمٌ أقل على الميزان أو مقاسٌ أصغر، وهذا بلا شك هدف جيد، لكنه يجعلك – ولأجل الوصول لهذا الهدف – متوترًا أحيانًا، وهذا هو أكبر سلبيات أنظمة خسارة الوزن الانفعالية، أنها تولّد التوتر. كيف سيكون الوضع حين تبدأ في تعديل عاداتك وأنت منطلق من قيمة «الحفاظ على نفسك» والدفاع عن أحد أخطر أعضائك وأشدها تأثيرًا على جسدك بكامله، إنها «بطنك». لقد جعلتني هذه القيمة أغيّر الكثير من عاداتي المتأصلة، آخرها «وأثناء كتابة هذا المقال» تخفيف إدمان القهوة، لأن كثرتها كانت ترهق بطني، وقبلها امتنعت عن السكر والدقيق الأبيض، لأني اقتنعت تمامًا أنهما يؤذيان بطني بشدة، ناهيك عن مشاكل زيادة الوزن المعروفة، حين أشرح لك لاحقًا آليات العناية والدفاع عن بطنك، فلا أريدك أن تتعامل معها باعتبارها قوانين وخطوات جامدة، تظل بعدها متحفزًا في انتظار الرقم الذي سيخبرك به الميزان أو شريط القياس، ستخسر دهون بطنك، وسيتغير رقمك ومقاسك، لكني أود منك – ولنجاح مستدام – أن تتعامل مع عاداتك بهدوء انطلاقًا من قيمة ذهنية مهمة، وهي أنك تحافظ على بطنك.

الأرقام التي تقتلنا

في عصر السمنة هذا هناك رقم واحد يستحق أن تتذكره جيدًا، ربما هو أولى بالتذكر من رقم راتبك الشهري أو رصيدك في المصرف؛ إنه رقم محيط بطنك! هناك رقمان قاتلان لا يجب أن نغفل عنهما أبدًا:

خمس وثـلاثون بوصة فأكثـر: بداية الخطر البالغ لمحيط بطن السيدات.

أربعـــــــون بوصــــة فأكثــــر: بداية الخطر البالغ لمحيط بطن الرجال.

هذه الأرقام دليل على امتلاء بطنك بالدهون العميقة وأنك وضعت قدمك بثبات على الطريق الملكي لأمراض العصر الحديث. لذا أوصيك الآن أن تُحضر «مازورة / شريط قياس» لتضعه فوق بطنك بحيث يمر من فوق سرتك، دوّن الرقم الذي تراه على الشريط، لا أريد لهذا الرقم أن يصيبك بالانزعاج، اجعله فقط بداية اليقظة.

إيذاء البطن يسبب أكبر فوضى في أجسامنا

صدق طبيب العرب «الحارث بن كلدة» حين قال: «المعدة بيت الداء». من أين تأتي أمراض متلازمة الأيض؟ من أين يأتي السرطان والسكري وأمراض القلب والجهاز الدوري والألزهايمر؟ إنها تبدأ من بطنٍ مُنتهك. تكلمت سابقًا عن خطورة الدهون الحشوية العميقة التي تتجمع داخل بطوننا وكيف تسبب هذه الدهون فوضى عارمة في جسدنا. حسنًا ما الذي أدى إلى اتساع خصورنا المستمر وتكون تلك الكتل المخيفة من الدهون العميقة داخلها؟ قطعًا إيذاؤنا لبطوننا.

البطن

إن تلك العادات الغذائية السيئة وذاك الخمول القاتل، والتوتر الذي لا ينقطع، هم مفتاح الفوضى، فوضى هرمونية بشكل أكثر تحديدًا، خاصة مع تقدمنا في العمر حيث تبدأ مستويات بعض الهرمونات الهامة في التراجع، والتي يعزز قصورها نمط حياتنا السيء، إن الحقيقة التي تغيب عنا، الحقيقة التي لا توجد في جداول سعرات الأطعمة، ولا تقيسها ساعة حرق السعرات هي أن دهون البطن المزمنة هي مشكلة فوضى هرمونية بشكل أساسي؛ هذه بعض الهرمونات المسئولة:

  • الهرمون الذي ينظم السكر

في مقال سابق شرحت تأثير الإنسولين على زيادة تراكم الدهون في منطقة البطن، وكيف يتسبب استهلاكنا الكبير للسكريات وقلة نشاطنا البدني في غزارة إفراز الإنسولين. وكيف نصبح مقاومين للإنسولين مع الوقت.

  • الهرمون المقاوم للتوتر

إن كانت زيادة الإنسولين قد تسببت في تكون دهون البطن، فإن عدم اتزن الكورتيزول هو الذي يبقي هذه الدهون في مكانها لا تتحرك، هو الذي يجعلك لا ترى نتائج حميتك ورياضتك، هو المسئول عن إحباطك حين لا ينخفض محيط بطنك رغم التزامك!

ما الذي يسبب ارتفاع الكورتيزول؟ التوتر بالطبع. ولأجل الكورتيزول طلبت منك أن تتصالح مع بطنك، لأن التوتر الذي تجلبه عصبيتك هو الذي يفسد كل شيء.

  • هرمون الأنوثة

البطن

تحدثنا مسبقًا عن خطورة أن تشبه التفاحة حيث تتوزع الدهون أعلى خط الوسط، من الملاحظ أن هذا منتشر في الرجال، بينما تميل أجساد السيدات إلى أن تشبه الكمثرى. السبب هنا هو هرمون الأنوثة «الإستروجين» والذي يجعل الدهون تتركز في الوركين والأفخاذ والمؤخرة «كأنه يأمر الدهون أن تبتعد عن منطقة البطن التي تستعد لاستقبال ونمو الأجنة!»، لكن بعد سن الأربعين وبعدما ينقطع الطمث عند السيدات، تقل الخصوبة ويقل هرمون الإستروجين وهنا تبدأ النساء «غالبًا» في تخزين الدهون مثل الرجال في منطقة الوسط. ومع ملاحظة أنه أيضًا مع التقدم في العمر تزداد مقاومة أجسادنا للإنسولين «عند الخاملين بشكل خاص» مما يشجع على تركز الدهون أيضًا في منطقة الوسط، عندها ستشاهدين سيدتي – للأسف – كيف يتحول جسدك مع الوقت من كمثرى إلى تفاحة! لا داعي للحزن. سنعالج هذا معًا.

  • هرمون النمو

هرمون النمو من مفاتيح الاتزان الهرموني في الجسم لعدة أسباب؛ فبخلاف وظائف عدة منها أنه يحفز عملية البناء العضلي «أوضحت سابقًا أهمية الكتلة العضلية» فهو كذلك يقلل ارتفاع الكورتيزول، وهذا يخفف قطعًا من دهون البطن، وهذه أيضًا إحدى المشاكل التي تواجه متوسطي العمر، حيث يقل إفراز هذا الهرمون مع التقدم في العمر. ولهذا حل أيضًا.

والآن كيف نعالج هذه الفوضى؟

2- أسرار العناية بالبطن

لو كنت قد استوعبت هدفي من النصف الأول في هذا المقال، فأتمنى أن تكون قد وصلت الآن إلى قناعة تجعلك زاهدًا في تجويع نفسك أو الركض وراء الأوهام، أتمنى أن تكون قد فهمت أن بطنك لكي يهبك شكلًا مقبولًا لابد أن تهبه أنت أولًا عناية حقيقة، وأن تتعامل معه برفق وهدوء. إنّ أهم ما يمكن أن نخدم به بطوننا هو الحفاظ على حالة اتزان هرموني، وهذه الحالة يستحيل الوصول لها في ظل التوتر الدائم والنمط المعيشي السيء.

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
0 إجابة 42 مشاهدات
...