3- الحث على تنظيف المساجد والعناية بها :
حث الإسلام على نظافة المساجد وحسن العناية بها , وجعل لذلك أجر عظيم وثواب كبير , عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي ، حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي ، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، أَوْ آيَةٍ ، أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا. أخرجه أبو داود (461) والتِّرْمِذِيّ\” 2916 و\”ابن خزيمة\” 1297 .
وعن أبي سعيد , قال: كانت سوداء تقم المسجد , فتوفيت ليلا , فلما أصبح رسول الله , صلى الله عليه وسلم , أخبر بموتها , فقال : ألا آذنتموني بها ؟ فخرج بأصحابه , فوقف على قبرها , فكبر عليها والناس من خلفه , ودعا لها , ثم انصرف.أخرجه ابن ماجة (1533)صحيح الترغيب والترهيب 1/67.
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَّخِذَ الْمَسَاجِدَ فِي دِيَارِنَا وَأَمَرَنَا أَنْ نُنَظِّفَهَا \” رواه أحمد في مسنده (19671) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (278) .
ولقد رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في جدار المسجد نخامة فتناول حصاة فحكه وعدها خطيئة وقال: (البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها).البخاري مع الفتح ( برقم 409).
عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي ، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا ، الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا ، النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ. أخرجه أحمد 5/180(21900) و\”البُخاري\” في \”الأدب المفرد\” 230 و\”مسلم\” 2/77 (1170) .
وروى سعيد بن منصور عن أبي عبيدة بن الجراح أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها، ثم قال: الحمد لله الذي لم يكتب عليَّ خطيئة الليلة. قال: فدل على أن الخطيئة تختص بمن تركها وعلة النهي ترشد إليه وهي تأذي المؤمن بها.الألباني : الثمر المستطاب 720.
4- الحث احترام المساجد ومعرفة حرماتها :
المساجد أماكن مقدسة لها خصوصيتها ولها حرمتها , فهو بيوت للذكر والصلاة ,قال تعالى : \” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ \”.النور:36.
لذا يجب تنزيه المسجد عن كل ما من شأنه أن يشينه أو ينتهك حرمته , فيمنع البيع والشراء في المسجد , وكذا نشدان الضالة , أخرج الترمذي عن أبي هريرة: ((إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك ضالتك)). الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 573 في صحيح الجامع
كما يمنع أذى الناس والملائكة بالروائح الكريهة , عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، قَالَ : سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الثُّومِ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَيْئًا ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ ، أَوْ لاَ يُصَلِّيَنَّ ، مَعَنَا.
– وفي رواية : قِيلَ لأَنَسٍ : مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الثُّومِ ، فَقَالَ : مَنْ أَكَلَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا.أخرجه أحمد 3/186(12968) و\”البُخَاريّ\” 1/217 (856) و\”مسلم\” 2/79(1187).
وعَنْ جَابِرٍ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ:نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ ، فَغَلَبَتْنَا الْحَاجَةُ ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتِنَةِ ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسُ. أخرجه \”أحمد\” 3/374(15078) و\”مسلم\” 2/79(1189).
كما يجب أن تنزه المساجد عن الصراعات والمشاحنات والمنافسات , فهي بيوت الله تعالى وليس لأحد سلطان عليها , يروي أن الرشيد حلف بالطلاق ثلاثا أن باتت زبدية في ملكه وندم وتحير فقيل هنا فتى من أصحاب أبي حنيفة يرجى منه المخرج فدعاه فعرض عليه وقال استعمل حق العلم قال كيف أنت على السرير وأنا على الأرض فوضع له كرسي فجلس عليه ثم قال تبيت الليلة في المسجد ولا يد لأحد على المسجد قال تعالى { وأن المساجد لله } فولاه الرشيد قضاء القضاة . ابن أبي الوفاء : الجواهر المضية في طبقات الحنفية ص 2/521.
وأخيراً فإن علينا أن نعود بالمسجد إلى دوره ومكانته , فهو البوتقة التي تنصهر فيها قلوب المؤمنين وأرواحهم , وتتلاشي وتنمحي المسافات والأبعاد بينهم , فتتحقق معاني المواساة والعدالة والأخوة والتآلف , ويتدربون على النظام واحترام الوقت والتواضع واللين ,وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم , حينما كان يصفهم للصلاة ويقول لهم : أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا في أيدي إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ. أخرجه أحمد 2/97(5724) و\”أبو داود\” 666 و\”النَّسائي\” 2/93 ، وفي \”الكبرى\” 895 و\”ابن خزيمة\” 1549 .
وهذه التوجيهات التربوية لا تقف حدودها عند الصلاة فقط , بل تتجاوزها إلى جميع مناحي الحياة من عبادات ومعاملات وأخلاق ,وبوم أن يعود إلى المسجد دوره في التربية والتوجيه سوف ينصلح حال العباد والبلاد.